لطالما ‘ تفاخر ‘ الغرب على باقي أجزاء العالم (ثانيا أو ثالثا)، بأنه يقدس ‘ خصوصية ‘ الأفراد، و أن حرية المجتمع مكانها الراسخ هو في هرم أولوياته.
هذه ‘ الإدعاءات ‘ بدأ وهجها بالخبوت و الخفوت بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر الإرهابية في العام 2001م، حيث تغيرت القوانين و انتهكت الحريات بدعوى محاربة الإرهاب.
و ربما كان من المثير للإستغراب (ولا أقول السخرية) أن تصادر الدول الغربية حريات أفرادها بدعوى حمايتهم من جماعات تريد أن تـَسلب الأفراد أنفسهم هذه الحرية!
فلو كان هدف الإرهابيين هو أن تـُسلب هذه الحرية، فهذا يعني أن هؤلاء الإرهابيين قد انتصروا و بجدارة!
سأخصص الحديث عن أمريكا كمثال تحتذيه الدول الغربية و أنموذج مجتمعي تؤيده..
لن أتحدث عن قوانين ’ الباتريوت ‘ التي سـَلبت قاطني الولايات المتحدة الأمريكية الكثير الكثير من حقهم بالتمتع بدرجة جيدة من الخصوصية، ولا عن فضائح التنصت على مكالمات المواطنين و مراقبتهم.. فحتى ذلك الوقت كنت مازلت مقتنعا بأن الخصوصية في أمريكا مرضت بشدة دون أن تموت..
إلا أنه في رأيي المتواضع، فإن ‘ الخصوصية ‘ في الولايات المتحدة الأمريكية لفظت أنفاسها الأخيرة قبل ما يقارب الأربعة أشهر.
فقبل أربعة أشهر أصدرت وزارة الداخلية الأمريكية وثائق تنظم (سياسة مصادرة الأجهزة الإلكترونية الخاصة بالمسافرين) و التي تنص على أنظمة و تشريعات أبسط ما يمكن أن توصف بها بأنها ‘ تسلطيه ‘ ولا تحترم خصوصية الفرد!
فبحسب الأنظمة الجديدة، يحق للسلطات الأمريكية مصادرة أي جهاز يمكنه حفظ معلومات (كومبيوتر محمول، كفي، آي بود، هاتف جوال.. الخ) من أي مسافر و بدون ايه تهمة مسبقة أو ابداء سبب واضح، و لمدة غير محددة. و ان كان هذا يبدو جائرا، ففي الحقيقة ما ذكرته حتى الآن ليس هو الجزء الأسوأ.
فبحسب الأنظمة الجديدة أيضا، فإن للسلطات الأمريكية الحق الكامل في أن تطلع على محتويات هذه الأجهزة و تنسخها أو تتلفها.. بل و أيضا أن تعطيها لجهات أخرى سواءا كانت حكومية أو حتى جهات خاصة!!
لا أعتقد أن نظاما مثل هذا يحتاج لخبير في الخصوصية لكي يوصم بأنه انتهاك خطير و يهدد خصوصية الفرد. خصوصا و أني أشك كثيرا بأن إرهابيا محتملا سيحمل معه معلومات حساسة على أجهزة إلكترونية في المطار!
ختاما.. أحب أن أؤكد أن وضع نظام لإنتهاك خصوصية الفرد لا يعني بأي حال من الأحوال انتفاء هذا الإنتهاك!
تماما كما يقول الرئيس الأمريكي القادم (اوباما):
!You can put lipstick on a pig, but it’s still a pig
للمزيد حول الموضوع، إضغط هـنـا و هـنـا و هـنـا.